الأحد، 26 أبريل 2015

بَــــــوْح..


قبل سبع سنوات كنت أظل سهرانا طوال الليل أكتب..
حينها كنت في المرحلة الثانوية..مليئا بالأحلام..والآمال..
كانت مشاعري بكراً تحاول ان تتلمس طريقها للبوح..والتفجر..
وكانت الكتابه وقتذاك هي الرفيق الوحيد الشاهد علي كل تفصيلة جديدة تطرأ علي الروح..والقلب.
كنت اثق ان لا أحد سيطّلع علي حرف مما أكتب..فبتّ اتحري الصدق مع نفسي في كل شييء..
كنت ارصد عيوبي بدقة واحللها وأضع لها البديل المناسب...
ورحت أنقّب فيما أقرأ عن الصفات والخلال التي يجدر بكل رجل إكتسابها واحاول جاهدا أن أتحلي بها..
كانت الفترة الأفضل في علاقتي بربي..كنت وقتها كالصوفيّ الذي يستشرف النور من خلف الافق..
وكانت الفترة الأمثل في علاقاتي بمن حولي..وعلي رأسهم أختي الغالية الأجمل علي مرّ الزمان.
ولو تمثلتُ خط حياتي رسما بيانيا لكانت تلك الفترة هي قمة هذه الخط..في كل شيء.
وبعدها أخذ ذلك المنحني في الهبوط شيئا فشيئا..ولم يكد يمر عامان إلا وقد وأخذ ذلك الخط يمر بأسوء حالاته في كل شيء..
ثم كانت النقطة التي توقف فيها خط البحث عن الذات، وتوقفت نبضات القلب تماما في (فبراير) من أحد الأعوام.
ومن (فبراير) هذا الي الآن يمكن القول أنني تحولت للنقيض في أشياء عدة مقارنة بما كنت عليه قبل أعوام قليله..
كسرة في القلب والروح لا سبيل لجبرها ما دامت الحياة..
انعدام ثقة تام في كل المحيطين..
اتسام جميع علاقاتي بالرفض..
انسحاب الي داخل النفس وتقوقع شبه مستمر..
إمارات أدواء بدأت تغزو القلب وتستوطن..
لم أعد أعرف للحياة هدفا ولا معني..
ولم يعد يفرق معي أن أموت الآن أو بعد سبعة الآف عام..!!
 تحولت من ممارس عام في الحياة الي مجرد مُشاهد..
فقدتُ إيماني بكل معني وقيمة..وأمل.
حالة من القرف التام من كل ما في الحياة..ومن في الحياة.
غير أني -وبصعوبة كبيرة- ووفاءاً للؤلؤة حُلوة تحتل القلب كله، ومحاولة لرد جمائل أختي الرقيقة وأبي العظيم، تمكنت من انتشال حلم أخير من مستنقع اليأس والملل والشرود الذي أغرقتني حمأته..
حلم أن أصبح دكتورا جامعيا.
وأمر الله أمنيتي أن كوني..فكانت..،وعُينت مُعيدا بقسم الأدب والنقد بالجامعة حيث تمنيت دوما، 
وأعادت إليّ فرحة أهلي وافتخارهم بي رعشة حياة وطاقة فرح مست القلب للحظة فأحيت فيه شيئا من عناده وصلابته السابقه..وأعادت إليه شيئا من نورانيته.
واهتداءاً ببصيص نور خافت ورقيق من تأثير هذه اللحظة تمكنت من إلقاء نظرة سريعة علي أنقاض روحي..
وتلمست بأصابعي ما خلّفته فِيّ السنوات الماضيات من ندوب وجروح..
وعلي الرغم من معاصرتي لِذاتي في كل تغييراتها وانكساراتها، إلا أنه قد هالني حقا ما تحولت إليه مقارنة بما كنت عليه..
هل سمعتم يوما برجل يعترف أمام الجميع أنه سيء...؟
وأنه أضعف وأعجز عن أن يغير ما اعتراه من نقص..؟
وانه -برغم ما حققه في الحياة من نجاحات- فاشل تماما...؟
ان كل من قرأت لهم يعتقدون دوما أنهم ملائكة كتب عليهم العيش في وادي سقر..
ولربما كنت أنا أول من يشذُّ عن القاعدة ويعترف بالعكس..!
ربما لأن صورة الانسان الذي أحلم أن ارتدي مسوحه..وصورة الرجل الحق الذي أتمني تمثله..وصورة المسلم الصادق التي بشرت بها رسالات الأنبياء جميعا، بعيدة جدا عن واقعي الآن..
بعيدة كبعد من نكتب لأجلهم وكلنا ثقة أنهم لن يقرأوا حرفا.
وإنها لحماقة كبري ان يعترف احدنا بنقائصه علنا أمام الآخرين..
لكن لا بأس..لنضف هذا عيبا جديدا إلي قائمة عيوبي الكثيرة التي ربما نجحت في التخلص منها في يوم من الأيام..
وحينها سأعود هنا وأكتب اليكم راضيا عن نفسي...
وعنكم...
وعن الحياة.

محمود
26/4/2015

هناك 4 تعليقات:

  1. مبروووووووك تحقيق اول حلم وانتشاله من منبع الياس ادلم عندك نيتة التغيير هتتغير يا نورررررر وربنا يقويك وتبقي افضل من ما بتتمني وفعلا بهنيك ف زمانا العجيب ده نادر لما تلاقي حد يدور علي عيوبه ويسردها ف المعتاد نلاقي كل واحد فينا شايفه نفسه هو الافضل والناس هي اللي وحشه ربنا يقويك ويعوضك عن كل لحظه انت مريت فيها بالم وحزن ويعوضك بالحب اللي يرضيك ويملا حياتك ................... احسنت د\محمووووووووود

    ردحذف
  2. تسلمي يا افندم..شكرا جزيلا لحضرتك.

    ردحذف
  3. مرحبا نور الدين
    حاولت اكثر من مرة ان اكتب تعليقي ولكن كما بدا لي لم ينجح في الظهور
    اتمنى ان يصلك هذه المرة تعليقي
    لفتت نظري مدونتك ... كتابتك... خواطرك
    واتمنى ان نتواصل
    نيل عزّت

    ردحذف
  4. السلام عليكم ورحمة الله ... الفطرة الأصيلة مهما مرّعليها تبق ناصعة فأنت نور ستبقى ولو مر عليك كثيرا من محطات مظلمة ..وفقك الله وحقق آمالك وأسعدك في الدارين أي بني الفاضل

    ردحذف


ما رأيك فيما قرأت...؟؟؟؟؟...(((أضف تعليق)))..