الاثنين، 9 يناير 2012

الموعد التحرير...





غيرُ خافٍ علي كل ذي عقلٍ أن الأيام لا تهبُ شيئا لاحدٍ بلا ثمن..
ولا تُعطي نجاحا بدون مقابل...
ولا  تُهدي إنجازاتٍ بلا عمل....
حقيقةُ أدركتها البشريةُ منذُ بدءِ الخليقه...
وأصبحتْ سنّةً كونيةً من سنن الله –جل وعلا- تجري عليها الايام،وتتعاقبُ السنونَ ولا تتغيرَ أو تتبدلْ.
لكنّ الفطرةَ البشريةَ من طولِ الامدِ قد غلّفها غلافُ من الرّان...وكساها العفن..
واستوطنتْ فيها مذاهباً ورؤيً وافكاراً ومشاربَ وتصوراتٍ منحرفه ...كُلُها تعمل دورَ الجراثيمِ مع هذه الفطره..
ورويداً رويداً بدأت الفطرُ تنتكس..والمفاهيمُ تتغير...واصبح الحقُ باطلا..والاباطيلُ حقوق...
وفقد الانسانُ اعزَّ ما يملك....حريته..وكرامته.
وغدت الاثمانَ التي تُعطي من اجل اقتناص الحريه....هباءا مبعثرا...!!
واصبحت الدماءَ التي تُبذلُ من اجل الحفاظ علي الكرامه...دماءُ تنثرُ في مهب الريح...!!
وبعدما كان كلُ انسان –بفطرته- يبذلُ الغالي والرخيصَ من اجل ان يحيا حرا...
اصبح مقتنعا بفكرة أن ثمنَ الحريةِ قد يكونُ باهظا...
وربما يكلفُ الحياةَ نفسَها..
واخذ يحدثُ نفسه قائلا:
وما الذي سأستفيدهُ من الحريةِ اذا انا مت؟؟؟
-ونسي انه بموته في سبيل معتقده وحريته وما يؤمنُ به قد وصل الي اعلي درجات الكرامه...
وغفلَ عن أن
النصرَ حليفَ كلُ صاحب حق ما دام جاهد ونافح ودافع من أجل ما يؤمن به ويراهُ صوابا.
ولا يشترط ان يكون نصرا يشهده الانسانُ بشخصه..أو يشهدهُ جيل بعينه...
فقد يكونَ كفاحُ اليوم خطوةَ في سبيل تحرير الغد...
وليس  النصر بالضرورة مغنما...أو سلطة..أو حيازة متاع..
فالثورة علي الظلم...ونفض غبار الذل والتبعيه...
وازالة ما ران علي الفطرة الانسانيه
هو بمفهوم النقل والعقل نصرا مؤزرا..

و ان تخليص النفس من عقد الخوف..ونكوصات الرعب.ولجلجة التردد ..لهو الخطوة الاصعب في تاريخ الجهاد.
(فعليك بذر الحب لا قطف الجني...والله للساعين خير معين)
وأمتنا الأن في أمس الحاجة الي احياء ثقافة الجهاد والبذل والتضحيه والاستشهاد ...
فمثل هذه الثقافة الايجابيه حين تتلقاها نفوس أبيه بعزائم ثابتة قويه..وبصائر ثاقبة فتيّه....
لهي أنجع داء لمواجهة تيارات الارجاء والذل والانبطاح والتبعيه،

ولهي الاقدر علي مقارعة ثقافة الجبن والعار التي خيمت علينا سنين طويلة..
باسم التعقل احيانا...
وباسم الدين احيانا اخري..-زعموا-.!!!
فكبر عليها الصغير...وشاب عليها الكبير.
وإن كنا نبتغي عزة الدنيا وسعادة الاخره...
فلا مناص امامنا...ولا بدائل كثيرة نختار منها....
(اما ان نكون أولا نكون)....
(نكون):....فنبذل للحرية ثمنها الغالي...ونعطي للمجد من دمائنا ونفوسسنا ..
(ثمن المجد دما جُدنا به...فاسئلوا كيف دفعنا الثمنا)
او : (لا نكون)....فلا فرق حينئذ بيننا وبين سارحة النعم...مصيرها الذبح...أو القتل...أو الاستعباد:(إن الهوان حمار الدار يألفه..والحر يأنفه،والنمر والاسد)
(ولايقام علي ضيم يراد به...إلا الأذلان:عير الحي والوتد)
فمن رام ان يكون اسدا عزيزا مرهوب الجنان....فالموعد التحرير....
ومن رضي بالذل...واستثقل الجهد...واثّاقل الي الارض....
وعظمت عليه نفس زائله...ومتاع مفقود.
ففي المراعي والوديان له متسع....وبين الغنم والبقر والشاة له مكان محفوظ.....وهنيئا له حياة الذل والقعود....
وليصدق فيه -وفي امثاله- قول ابو الطيب المتنبي:
(لا تشتر العبد الا والعصي معه...ان العبيد لانجاس مناكيد)
فلن تضيق حظائر العبودية بعبد جديد آخر...
ولن تشتكي المراعي لو زادت أمة البقر بقره..
أو زادت جماعة الحمير حمارا.

                                        
                                  نور الدين محمود....

هناك تعليق واحد:

  1. مقال جمبل
    لعمرك هذا ممات الرجال....فمن رام موتا كريما فذا

    ردحذف


ما رأيك فيما قرأت...؟؟؟؟؟...(((أضف تعليق)))..