السبت، 25 أغسطس 2012

من أحاديث الشموع..


أفهم أن تكون الحياة مرة حينا..وحلوة حينا آخر.
 أفهم أن تمتليء بالغصص والشدائد والكرب..لكن يتخلل ذلك كله دفقات ضياء..ولمسات سعاده..وهمسات أمل.
وأتفهم أيضا أن تكون الحياة رمادية اللون..
حزن أسود قاتم، ممتزج بفرح أبيض بهيج.
لكن أن يتغلب الحزن..وتكون الكلمة الفصل لغياهب الظلام..
بحيث تتبع الغصة غصص..والكربة كرب..فهو أمر لا يطاق.
ولربما أمكن أحتمال ذلك -علي مضض- يوما أو شهرا..أو حتي عاما..
لكن أن يدوم ذلك أعواما طويله..ويستمر ذلك لآمادا متباعده..فهو شعور ثقيل جدا علي النفس.
كلما واجهتك شدّة أمّلت نفسك قرب الفرج..
وكلما اشتد عليك أمر منيت قلبك سرعة زواله..
ثم رويدا رويدا يخبوا تألق الامل لديك..وبقدر ازدياد الشدة وتعاظمها يصغر الامل ويصغر..لتتحول الشجرة الكبيرة في النهاية الي برعم صغير..لا يلبث أن يلفظ آخر أنفاسه هو الاخر تحت وطأة وثقل وضغط الحياة الساحق.
إن للحياة ثقل هائج علي النفس..ثقل ليس مردة املا تهشم أو حلما تكسر فحسب..
بل الامر اشد تعقيدا من ذلك بمراحل..
فلو كان الامر متعلقا بشخصي فقط..ولو كان مرتبطا بذاتي وحسب..اذا لهان ، ولربما تجاوزت هذه العاصفة دون خسائر..اذ لم يبق لدي روحي ما تخسره من الأساس..
لكن مشكلة هذه الحياة تكمن في تلك الروابط والصلات والتي تشدك الي ما حولك.. ومن حولك ..بقوة جذب تفوق قدرتك علي الفكاك..
ويغدوا الأمر أصعب وأصعب حينما تكون محط آمال قوم..أو منتهي حلم آخرين..
فحينها يفرض عليك جهدا مضاعفا لتمثل أولا دور الشخص الثابت الذي لم تحطمه صولة الايام بعد.
ولتحاول ثانية رسم ابتسامة تجتهد أن تجعلها مرحة واثقة قدر المستطاع..
وجهدا ثالثا لتقدح شمعة امل في قلب من حولك..في الوقت الذي يخلوا فيه قلبك من كل ما يمتّ للضياء بصله.
الشمعة التي تحترق لتضيء للآخرين هو معني ربما كان قريبا مما أقصد.
فقط الشمعة تضيء فعلا..بينا أنا أتكلف الضياء..
وإن كنا نلقي في النهاية نفس المصير...
الاحتــــــــــــــراق..
وتخمد في النهاية تلك الشعلة الصغيرة البائسة في كلانا،
الشعلة التي ارهقها مقاومة عصف الريح..ودار بخلدها أن في امكانها أن تبدد سدف الظلام..أو تصمد طويلا أمام ضربات الليل العاتيه..
إن هذا التكلف فوق أنه يثير حنقي وغيظي..فإنه يؤلمني حقا..
ويجعل ألمي مضاعفا وسمائي أكثر قتامة وعصفا.
وينسحب هذا الالم التكلفي علي ما أكتب هنا..
فأنا شخص لا اجيد أحاديث الحزن..ولا يمكنني أن أجلس لأحكي لشخص ما عما يعتمل داخل نفسي من الآم..
أكره أن ابوح بأحزاني لمن أحب فيمسهم حزني بما يثقلهم..
كما يخوفني جدا رؤية نظرة الشفقة علي وجوههم..
وأنا امرؤ لا يكره في الكون شيئا كما يكره نظرات العطف ولمحات الشفقه..
فلم يكن أمامي سوي الكتابه..فكانت هي نافذتي التي اطل منها علي اعماق ذاتي..وأسامر بها نبض قلبي المتعب.
أكتب مذ كنت في الرابعة عشر من عمري..
كانت كتابات خاصة أجتهد ألا يراها أحد أيا كان..حتي يتسني لي البوح بما في داخلي كاملا غير منقوص..
حتي جاءت فكرة المدونه..وقررت نشر الخواطر..
ورغم ان ما نشرته أقل الف مرة مما كتبته فعلا..لكني اكتسبت غريزة الحذر في الكتابة بشكل عام..
أحاول تخير الالفاظ قدر المستطاع..والتراكيب ما امكن..لعلمي أنه ربما كان هناك ما يقرأ ذلك الهراء الذي أكتب.
وكان هذا من أكبر سلبيات نشر الخواطر..
في الماضي كنت احس براحة فورية بمجرد أن اضع القلم من يدي..لاني كنت اخرج آخر ما بدخلي فعلا..بعفويه..وبساطه.
أما الان فقد أضاف الحذر عبئا جديدا الي قائمة أعبائي المطوله..
وكأنه كان ينقصني عبئا آخر..!
ولو عاد الزمان بي لفكرت الف مرة قبل أن أنشر حرفا واحدا مما كتبت..
فقط لو عاد الزماااان...لكني أعلم يقينا أنه لن يعود..
الحياة قاسية بما يكفي لأعلم أن ما فات لن يعود مرة أخري..
وأن ما مضي لا يمكن إرجاعه...
لا يمكن إرجاعه مطلقا... مع الاسف.                                                  

                                                     
  نورالدين

هناك 3 تعليقات:

  1. حتى تلك النافذة الصغيرة التي أتيحت لنا نتنفس من خلالها شذى ريح عابق .. أقيم حولها سياج فسياج .. فصار كل حرف لنا مثار أخذ و رد و جدال ..
    أحيانا تقف أسواط النقاد عند عتبة اللفظ المجرد لا تجاوزه و تظل هناك دهورا .. لا تبلغ المعنى الكامن و لا الشعور المضمور في ثنايا الكلمات .. و تضيع كل فرصة لتذوق الحرف و تنسم عبيره .. فنندم في النهاية ؛ ليتنا ما كتبنا شيئا !!

    ردحذف
    الردود
    1. ان ما تفضلت بذكره عقبات كؤد..ربما كان حلها الوحيد هو ان نستشعر اننا نكتب لا لأحد بل لأنفسنا وحسب..
      ولعل هذا ما عبرت عنه -قدرا- في رسالة المدونة حيث اقول:

      (وأنا لا ارغب في كلمة مدح...أو عبارة قدح..فكلاهما عندي سواء....
      وحسبي ان يصلك احساسي...او ان يتوصل اليك مرادي...
      ووقتها حقا اكون قد أديت الامانة
      نحو قلمي...
      ونفسي...
      وربي..
      وأكون قد تركت في دنياكم هذه أثرا قبل الرحيل...)

      __________
      برأيي ان التمنطق بهذا المنطق اللامبالي قد يفيد.
      فهل توافقني...؟

      حذف


ما رأيك فيما قرأت...؟؟؟؟؟...(((أضف تعليق)))..